مريم الجعجع: اقتصاديَّة تنمويَّة، المدير العام المنظمة العربيَّة لحماية الطبيعة.
زينة الجعجع: مهندسة حدائق ومواقع وتصميم حضري، المدير التنفيذي لسنابل.
العربية لحماية الطبيعة هي منظَّمةٌ أهليَّةٌ مستقلَّة، تأسَّست عام ٢٠٠٣م بهدف تعزيز السيادة على الموارد الطبيعيَّة والغذاء، بما في ذلك المناطق المحتلَّة والمناطق المتأثِّرة بالصراعات.
عملت المؤسَّسة على زراعة ٢.٧ مليون شجرة مثمرة في إطار برنامجَين: برنامج القافلة الخضراء، وبرنامج زراعة المليون شجرة. وكان لذلك تأثيرٌ مباشرٌ في زيادة الإنتاجيَّة الزراعيَّة المحلِّيَّة، وتحسين الصحَّة البيئيَّة، وتأمين سُبُل العيش للمزارعين المحلِّيِّين.
يؤمن فريق العربيَّة لحماية الطبيعة بأنَّ إمكانيَّة الوصول إلى المساحات الخضراء هو حقٌّ للجميع. لذلك، عملت المؤسَّسة على بناء حديقة في مخيَّم غزَّة للاجئين الذي يسكنه ٣٢ ألفَ لاجئ بمساحة تقلُّ عن الكيلومتر المربَّع الواحد. ويُعدُّ هذا المخيَّم أكثر المخيمات فقرًا بين باقي مخيَّمات اللجوء الفلسطيني العشرة الموجودة في الأردنّ، إذ إنَّ نسبة ٥٢.٧٪ من سكَّانه يعيشون تحت خطِّ الفقر.
في شهر حزيران/يونيو عام ٢٠٢٠م، افتُتحتْ ‘‘حديقة الألوان’’ في مدرسة إعداديَّة للفتيات تابعة لوكالة غوث اللاجئين في مخيَّم جرش. إذ جرى العمل على تحويل منطقة مساحتها ٨٨٨م2 من منطقة مهمَلة ومغلقة إلى منطقةٍ تفاعليَّةٍ تضمُّ الكثير من النشاطات التي تحفِّزُ التعليم في شتَّى المجالات مثل العلوم والدراسات البيئيَّة، والفنِّ والزراعة. وقد جرى العمل على إعادة تأهيلها بجهودٍ مشتركةٍ ما بين العربيَّة لحماية الطبيعة، وشركة سنابل لهندسة حدائق وتصميم المواقع االحاصلة على جوائز لتصميم الحدائق والمواقع المستدامة، إذ تتمحور فلسفة المؤسَّسة في عملها على اتِّباع نهجٍ شموليٍّ في تصميم مساحاتٍ ذات رَونقٍ جماليّ، ومستدامةٍ بيئيًّا، علاوةً على كَونها موجَّهة إلى المجتمع.
تتميَّزُ الحديقة بأجواءٍ هادئةٍ ومجهَّزة بكلِّ ما يساعد الطلَّاب والعاملين على تحسين الأداء الدراسيِّ والأكاديميّ، وعلى استقرار صحَّتهم النفسيّة. ويوجد في الحديقة أحواض زراعيَّة، ونظامُ حصادٍ مائيّ، ومدرَّج يساعد على حلِّ مشكلة اكتظاظ الطلَّاب داخل الغرف الصفِّيَّة في مدرسة تضمُّ حاليًّا ٣ آلاف طالبةٍ في فترتَين.
وقد جرى تصميم هذه الحديقة، التي قامت بتلبية احتياجات ملحَّة، وَفقًا لسلسلة من الاستشارات والدراسات التي شاركَ فيها من الطلَّاب والأساتذة والإداريِّين، إذ كان لهم دورٌ كبيرٌ في تحديد الاحتياجات والأولويَّات.
اختيرَتْ النباتات بحيث يمكن الاعتناء بها بسهولة، وذلك وَفقًا لقدرتها على تظليل المساحات تحمُّل الجفاف، كما اختيرت نباتاتٌ ذات رمزٍ ثقافيٍّ معروف وفوائد طبِّيَّة وتغذويَّة. ولعلَّ أحدَ أهمِّ الأهداف وراء بناء الحديقة هو توعية الطلَّاب بأهمية السيادة الغذائيَّة، وذلك باشتراكهم في مرحلة جني المحصول.
تعرِّفُ العربيَّة لحماية الطبيعة مفهومَ السيادة الغذائيَّة على أنَّه حقُّ الناس في الحصول على غذاءٍ صحِّيٍّ ومتكامل، وقدرتهم على الوصول إلى مصادر انتاج ذلك الغذاء، وهذا يشجِّعُ المجتمعات على بناء أنظمةٍ غذائيَّة مستقلَّة.
ولعلَّ ذلك من أهمِّ الأمور التي يجب إنجازها، إذ إنَّ القطاعَ الزراعيَّ في الأردن يعاني منذ عقود جرَّاء التهميش، علاوة على أنَّ الأراضي الصالحة للزراعة باتَتْ مهددة بخطر التصحُّر والزحف العمرانيّ.
في حين يواجه الأردن تحدِّيات عدَّة متعلِّقة بالسيادة الغذائيَّة، تواجهُ فلسطين تحدِّيات أكثر تعقيدًا؛ إذ إنَّ سلطات الاحتلال عملت في العقدَين الماضيَين على اقتلاع أكثر من ٣ ملايين شجرة مثمرة، وذلك لتسهيل عمليَّة مصادرة الأراضي. لذا تعملُ العربيَّة لحماية الطبيعة على إعادة زَرْع الأشجار تحت شعار “يقلعون شجرة، نزرع عشرة”، وذلك للتصدِّي لمحاولات الاحتلال سلْبَ الأراضي وتعزيز صمود المزارعين عليها.
علاوةً على برامج زراعة الأشجار، يعمل فريق العربيَّة لحماية الطبيعة باستمرار على الحشد في ما يخصُّ قوانين البيئة والزراعة والغذاء، وذلك على الصعيدَين الإقليميِّ والعالميّ. إذ حصلت على اعتماداتٍ عدَّة، وشكَّلتْ شراكاتٍ مع منظَّماتٍ إقليميَّة ودوليَّة. وفي عام 2012م، شاركَتِ العربيَّة لحماية الطبيعة في تأسيس االشبكة العربية للسيادة على الغذاء، لتكونَ منصَّةً لتطوير أولويَّات السياسة الإقليميَّة وتعزيزها.
بينما يقدِّمُ فريق العربيَّة لحماية الطبيعة محاضرات حول أهمِّيَّة البيئة والزراعة المحلِّيَّة لآلاف الطلَّاب في أنحاء الأردن، فهم يعلَمون في الوقت نفسه أنَّ الطبيعة هي أفضل معلم. يأملُ فريقُ العربيَّة لحماية الطبيعة أن تساعد مشاريع مثل حديقة الألوان في إلهام شباب الجيل المقبل للتعرف على فوائد الزراعة المتعددة لهم ولمجتمعاتهم.